لم تبق سوى ساعات معدودة على خوض المنتخب الجزائري الذي وضع ملايين من مواطنيه في وضع عصبي صعب، اولى مبارياته في مونديال 2010، إلا أن أجواء الحماس التي ترافق كأس العالم جعلت من الصعب التفريق بين عناء المحترفين وأهازيج الأنصار.
تجمع مغني الراب فيصل أورابح ومغني الراي عبد المؤمن بوبكر علاقة صداقة قديمة، فكلاهما من حي العربي بن مهيدي وسط العاصمة الجزائرية. والشباب في حيهما مهووسون بغنائهما وينتظرون أغنيتهما «فرحونا في المونديال» في كليب غنائي يبث في التلفزيون الجزائري، قبل وبعد مباريات الفريق الجزائري.
إلا أن فيصل مغني الراب يشتكي من وضعه، ويقول: «لقد صورنا الكليب وسط الحي، ومع أبناء حينا. إلا أن مشاكل تقنية تتعلق بالمونتاج اعترضت طريقنا». ويضيف مغني الراي عبد المؤمن بوبكر: «لقد أردنا زيادة حماس الجماهير بكليب غنائي تم تصويره بشكل محترف، لكننا لن نيأس كي نظهر أن الفنانين بمقدورهم مداعبة حماس الجماهير في الوقت المناسب، وهذا بلدنا وعلينا تشجيعه».
وقد سمح مغني الراب فيصل أورابح وفرقته Sans Smir ومغني الراي عبد المؤمن بوبكر للدويتشه فيله (الاذاعة الالمانية) ببث أغنيتهما «فرحونا في المونديال» وتنازلا عن حقوق البث كهدية لها.
الواقع أن حماس الجماهير الجزائرية قد بلغ درجة الجنون. فمحلات بيع الفانيلات التي تحمل شعار منتخب البلاد، منتشرة في كل مكان. كما زاد عدد الجزائريين الذين يلبسون فانيلة المنتخب الوطني بشكل هائل، وزادت معها كميات ما يستورد وما يصنع بشكل هائل. ويقول مروان، وهو صانع ألبسة في مصنع غير بعيد عن حي فيصل وأبي بكر: «هذه فرصتنا للربح السريع وأتمنى أن يتأهل منتخبنا الوطني إلى الدور الثاني، كي نفرح بالفوز وبالأرباح».
وقد زادت محلات بيع ألبسة المنتخب الجزائري بشكل جنوني، ولم تتعامل معها مصالح الضرائب والمراقبة بشكل سلبي، حفاظا على الأمن العام وخوفا من أي رد فعل غاضب من قبل الجماهير.
التأهل يقلل عدد الجرائم
وبسبب هذه الروح المرحة التي تسود الجزائريين، أعلنت مديرية الأمن الوطني ضمن نشراتها الإحصائية الأخيرة أن مشوار المنتخب الجزائري الجيد خلال تصفيات كأس العالم، قد قلل من عدد الجرائم والاعتداءات بالأسلحة البيضاء. وأضافت المديرية بأن الوضع الأمني سيتحسن إذا ما تأهل المنتخب الجزائري إلى الدور الثاني، وهو احتمال وارد جدا. أما الغريب في هذا الاحتمال، فهو إمكان لعب الجزائر ضد ألمانيا إذا ما تأهلا معا إلى هذا الدور.
ويعلق خبير علم الاجتماع فيصل بن سعدي على حماس الجماهير: «إن غالبيتهم صغيرة في السن، ولم تعرف إنجازات الفريق الجزائري خلال كأسي العالم 1982 و1986 في كل من اسبانيا والمكسيك، أضف إلى هذا كثرة وسائل الإعلام السمعية والبصرية مقارنة بسنوات الثمانينات. ويجب ألا ننسى الإنترنت بطبيعة الحال».
إلا أن هذا الوضع الحماسي لم يمنع الحكومة من إصدار تعليمات غير مباشرة، لتهدئة الصحافة الجزائرية، كي تقلل من مواجهاتها مع نظيرتها المصرية. وقد انعكس هذا على ما يقوله الأنصار في الشوارع، إذ ندر من يهاجم مصر أو المنتخب المصري، بعد المواجهات المصرية-الجزائرية، إعلاميا ورياضيا خلال التصفيات الأخيرة إلى كأس العالم.